نبذة دون حرق للأحداث
The Martian أو (المريخي) فيلم خيال علمي أمريكي إنتاج 2015م من إخراج (ريدلي سكوت) ومن بطولة (مات ديمون)، وهو مأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب (آندي وير). يحكي عن رائد فضاء تركه أفراد بعثته على المريخ اعتقادا منهم بأنه مات أثناء عاصفة مفاجئة، وكان عليه أن يبقى حيا باستخدام الموارد المحدودة لديه؛ حيث لم يكن لديه وسيلة اتصال مع رفاقه أو مع الأرض، وكان عليه انتظار البعثة التالية إلى المريخ المقرر لها – حسب برنامج ناسا – أن تصل بعد أربع سنوات!
تيمة قديمة، في حلة جديدة
تقوم حبكة الفيلم على تيمة (روبنسون كروزو) القديمة: الكارثة التي تجبر البطل على البقاء وحيدا فوق جزيرة منعزلة، وعليه أن يوظف كلا من علمه ومهاراته الشخصية ومكونات البيئة المحيطة ليبقى حيا لأطول فترة ممكنة أملا في نجدة قد لا تأتي أبدا. وهي التيمة نفسها التي أعيد استخدامها بنجاح كبير في فيلم Cast Away برؤية إنسانية أكثر عمقا، الجديد هنا أن الأحداث تدور في جو أكثر إبهارا استبدلت فيه الجزيرة بكوكب مقفر بعيد عن الأرض، وهنا أيضا أثبت صانعو الفيلم أن تكرار التيمة ليس مبررا للفشل، طالما كان الإبداع المدعوم بالعمل المحترف متوافرا!
هذه المرة صارت التحديات مختلفة تبعا للبيئة الجديدة؛ فكان على البطل ليس فقط البحث عن غذاء وماء صالِحَيْن، ولكن توفير الأول في بيئة غير صالحة للحياة، وتخليق الثاني كيميائيا، ثم كان عليه التوصل إلى طريقة للاتصال بالأرض، وبعدها البحث عن مصدر أطول عمرا للطاقة للوصول إلى منطقة هبوط البعثة التالية التي تبعد عن موقعه 3800 كيلو مترا، فضلا عن مشكلات أخرى فرعية عديدة لم تتوقف حتى الدقائق الأخيرة من الفيلم!
الخيال العلمي كما ينبغي أن يكون
أرى أن الفيلم يعتبر نموذجا مثاليا لفئة “الخيال العلمي”، فالمؤلف يبني قصته العلمية على أحداث خيالية، لكنها متسقة مع نظريات حقيقية وقائمة على تقنيات علمية موجودة بالفعل؛ مقدِّما مشكلة متوقعة و”واقعية” – إن جاز التعبير – يمكن أن تقابل العلماء عند تحقيق أحد الأحلام العلمية الحالية، وهو حلم أول هبوط بشري على المريخ، حيث يقوم بدور من أهم أدوار الخيال العلمي، وهو استباق المشكلات التي قد تنتج عن التقدم العلمي في مجال ما ووضع حلول منطقية لها!
الممتع في هذا السياق والجدير بالذكر أن الفيلم لم يقدم – أثناء حل كل العوائق التي قابلت البطل – أية تقنية لا تملكها وكالة (ناسا) في الوقت الحالي؛ فلا أجهزة مستقبلية متطورة، ولا تطبيقات لنظريات علمية ما زالت طور التشكك والإثبات، وهو – في ظني – ما جَرَّأَ صانعي الفيلم على عدم الإشارة إلى أن أحداثه تدور في زمن مستقبلي؛ فاللجوء إلى تصور زمن مستقبلي للفيلم، ليس إلا بسبب خيالية “مكان” المشكلة وليس “زمانها”، بينما جميع مفردات الحل تنتمي إلى زمننا الحاضر!
وكأنهم يقولون – بلسان الحال -:...