السبت، أبريل 28، 2012

14 نقد لروايتي الأخيرة: (وداعا للسيد)



أسعدتني كلماته هذا الصباح.. فرأيت أن أشارك فيها الأصدقاء..

مع كامل شكري وتقديري لسطوره الراقية والموضوعية..

إنه نقد كتبه أخي الحبيب بهاء طلعتحول روايتي الأخيرة (وداعا للسيد)..

وأحب أن أضيف هنا ما نسيته عند تعليقي في مدونته..

أعجبتني مهارته حين تكلم عن الرواية بما لا يحرق الأحداث.. بل لعله زاد من تشويق القراء لقراءتها....

بس والله مش دافعله حاجة :) 


أترككم مع كلمات أخي بهاء...

* * * * *

رحلة السفر من الدوحة إلى شنغهاي تستغرق أكثر من ثمانية ساعات، وهو وقت كاف جدا لقراءة رواية مثل رواية "وداعا للسيد" للكاتب المبدع "الأستاذ/ ماجد القاضي"، لاسيما مع الحاجة للبقاء مستيقظا لأسباب ليس مجالها الآن.

1. غلاف الرواية جاء يغلب عليه اللون الأسود (وهو لوني المفضل)، ولكنني شعرت بأن رواية إسلامية قد تكون بحاجة لعوامل جذب للقارئ ليس من بينها اختيار اللون الأسود ليغلب على الغلاف (رأي شخصي). 

2. عنوان الرواية "وداعا للسيد" جاء غريبا، والمعروف عن الأستاذ/ ماجد القاضي اعتناؤه الشديد باختيار العناوين وأساليب التورية وإجادة استخدام الألفاظ في التلاعب بخيال القارئ، غير أن هذا العنوان لم أجد له ارتياحا في نفسي ولا أستطيع أن أقول أن هذا العنوان يعتبر عامل جذب للرواية. (رأي شخصي أيضا). 

3. القصة في مجملها هي قصة إسلامية رائعة، تشد خيال القارئ إلى عصر من عصور الإسلام الأولى، وتجيب (كما أشار المؤلف) عن تساؤل مهم وهو كيف انتشر هذا الدين ورجاله في الأرض بهذه السرعة في سنوات لا تكاد تذكر في عمر الزمن، واختيار موضوع الرواية هو نقطة البداية لسلسلة من الإبداعات أتحفنا بها الكاتب. 

4. أسلوب الكاتب اتسم بالتشويق والإثارة، وهو ما أعطى قدرا من الإمتاع للقارئ الذي يمل عادة من قراءة التاريخ الإسلامي (وللأسف)، ونجح بهذا الأسلوب في مخاطبة شريحة من القراء لا تميل إلى قراءة هذه النوعية من الروايات، شيء ما شعرت به وأنا أقرأ الرواية حيث ذكرني الأسلوب المستخدم بأسلوب سلسلة الروايات الشهيرة "رجل المستحيل". 

5. نجح الكاتب نجاحا مذهلا في انتقاء الألفاظ، وهو أمر تعودته من خلال قراءتي لتدوينات الأستاذ/ ماجد القاضي في مدونته "هكذا عاملتني الحياة"، ولكن الروعة كانت في خلو الكتاب بالكامل (تقريبا) من أي خطأ إملائي. 

6. العاطفة (أو الوجدان) جاء قويا ومتناسبا مع أسلوب الإثارة الذي اختاره الكاتب لروايته، ونجح الكاتب عبر كثير من المشاهد في إخراج الكثير من الانفعالات في صورة مثالية، وعلى سبيل المثال مشهد حوار القيصر مع مستشاريه قبل أن يدخل عليهم "سبارتان" ليفجر في وجوههم جميعا مفاجأة بكلماته القوية ومنطقه السليم، وكذلك مشهد إلقاء "حكيم" في قدر الأحماض. 

7. نجح الكاتب في إخراج مشهد دخول الغانية على بطل القصة بحرفية شديدة، وقد شد انتباهي ذلك النجاح في اختياره للألفاظ والأوصاف وهو يتحدث عن مشهد شائك طالما ابتذله الكتاب وأفلام التلفزيون ليصلوا به إلى حد المشاهد الإباحية، ولكننا هنا أمام صياغة رائعة لهذا المشهد بدون إسفاف أو تعدي على أي من ثوابتنا الدينية في نفس الوقت الذي نجا فيه من السقوط في فخ الإخلال، والحقيقة أنني قلما قرأت مشهدا كهذا بدون إسفاف أو إخلال. 

8. طباعة الكتاب جاءت فاخرة، سواء كان ورق الكتاب أو الغلاف أو حتى الأحبار والألوان المستخدمة، فتحية لدار النشر. 

وتبقى ملاحظة..

هذه النوعية من الكتب تبقى بعيدة عن اختيار الكثير من قراء هذه الأيام وللأسف، نظرا لما أشرت إليه من ضعف الإقبال على القصص والروايات التاريخية وبالذات الدينية منها، وإن كانت رواية كتلك التي كتبها الأستاذ/ ماجد القاضي قد نجحت في حيازة إعجاب شخص مولع أساسا بهذا النوع من الأدب، فإنني أتمنى أن أرى لها نقدا من أحد ممن لا يحبون قراءة هذا النوع من الأدب، وأظن أن الرواية ستحوز إعجابه أيضا...
أحسنت.. ماجد القاضي.

الأحد، فبراير 26، 2012

36 عبارات هوليودية(19): قنابل في حياتي..!!


"كلنا يمضي برتابة في حياته يوما بعد يوم.. حتى يُلقي أحدهم قنبلة عليها..!"
[أحد أبطال فيلم: Big Trouble]



أنت مثلي بالتأكيد.. مررتَ بأكثر من نقطة تحول في حياتك..
ماذا كانت الأسباب؟ بالتأكيد لا أعرف في حالتك..
لكن في حالتي كانت الأسباب تتنوع وتختلف...

فمرة كانت نقطة التحول "جملة عابرة" ألقاها شخصٌ ما غيرَ شاعرٍ بأثرها عليَّ الذي سيكون..
وخير مثال على ذلك تلك العبارة التي ألقاها أمامي ذلك الشاب المستهتر منذ 17 عاما عندما تعنَّتُّ في تطبيق لائحة النظام عليه؛ حيث صرخ في وجهي: "القوانين تحترم.. لكنها لا تُعبد".. جملة عابرة.. لكنها رجت قناعاتي وعدلت مفاهيمي حول كيفية التعامل مع النظم والقوانين إلى الأبد، فتحولت من منفذ صارم للقانون مهما سببتُ من ألم للآخرين (تماما كالضابط "جافير" في رواية "البؤساء") إلى باحث عن روح القانون ومقاصده للوصول من بين ثناياه إلى سبل الرحمة فيه قبل طرق العقاب..!

وتارة كانت نقطة التحول "حَدَثا عارضا" يجري أمام عينيّ في لحظة كانت فيها النفس صافية والعقل مهيأً للاستقبال..
مثال ذلك الموقف الذي دار بين مدرس زميل وأحد طلابه.. حيث أصر فيه المدرس على ضرب الطالب غير عابءٍ باستجداءاته والدموع التي تنهمر غزيرة بقهر وألم مزقا نياط قلبي.. لم يكن الموقف يستحق ذلك.. لكن المدرس أصر على الاستمرار ناسيا أن العقاب غرضه التأديب لا الانتقام.. لم ينمحي ذلك المشهد من ذاكرتي وظل عالقا بها.. بل صار هو الكابح الأول لي عند الشروع في عقاب أحد تلاميذي..!

وحينا كانت نقطة التحول "تجربة قاسية" أصرت الأيام من خلالها ألا تتركني في صفوف المشاهدين، بل جعلتني بطلها ومحورها والذائق الوحيد لمرارتها..
ومثال ذلك تجربتي العنيفة مع مدير العمل - في بداية حياتي العملية - التي أعماني فيها الغضب عن إبصار الصواب ودفعني إلى اتخاذ قرار كان يمكن أن أندم عليه طويلا لولا أن تغمدني الله برحمة من عنده.. هذه التجربة صارت سببا في قدرتي بعد ذلك على التحكم في غضبي بحيث لا أتخذ قرارا خلاله أبدا..!

صحيح أن تلك الأسباب اختلفت في قوتها..
لكنها اتفقت - بلا ريب - في تأثيرها عليّ...
كانت جميعها بمثابة قنابل ألقِيت على حياتي؛ فسببت فيها ما يمكن أن أسميه: "فوضى خلاقة"..!!


* * * * *

وأنت...
ألا تشاركنا بقنابل من حياتك؟!! 

الخميس، يناير 12، 2012

29 صديقتي (وِلسون)..!


قبل أن تظن بي الظنون، أو تنعتني بالمتغرب المتفرنج انتظر قليلا وسأشرح لك الموضوع من بدايته..

    لسبب ما - ستعرفه - استعدت بذاكرتي مشاهد فيلم Cast Away للممثل المميز (توم هانكس) الذي شاهدتُه منذ عدة أعوام.. وفيه نرى البطل وقد انتقل بتصاريف القدر - بين عشية وضحاها - من قمة المدَنِيَّة الحديثة بكل رفاهيتها (ممثَّلَة في عمله مديرا بإحدى الشركات الأمريكية الكبرى) إلى قمة البدائية (ممثلة في جزيرة معزولة في المحيط)؛ وذلك بعد سقوط طائرته ونجاته منفردا من بين كل طاقمها..!
    وعبر سيناريو نادر الكلمات - لكنه رائع التصوير- يُبْرِز الفيلم لنا عدة معانٍ قيِّمة في الحياة..
    من أهمها - في رأيي - ألا نركن إلى حال في هذه الدنيا فليس فيها شيء مضمون أبدا، وأن علينا أن نُعِدَّ أنفسنا للأسوء مهما كنا نرفل في رفاهة من العيش..! ومنها - وهو ما أُعنى به في هذه الومضة - أن علاقاتنا بالآخرين هي إحدى ضرورات الحياة، واحتياجنا لعلاقة ما بآخر - مهما كان شكلها - هي من طبائعنا التي جُبلنا عليها كَبَشَر..
    وقد أشار الفيلم إلى تلك الحقيقة وصورها بمثال رائع جاء مؤثرا بشدة.. فالبطل تمر عليه أسابيع طوال من الوحدة المملة الخانقة في الجزيرة، وكان من المخلفات التي التقطها من حطام الطائرة - على غرار ما فعل (روبنسون كروزو) مع حطام سفينته - كرةٌ جديدة، وفي لحظة ضيق أمسك الكرة بيد مجروحة ملوثة بالدم ليلقيها بعيدا بكل غضب، فإذا بدمائه ترسم على الكرة - بعشوائية - شكلا أقرب للوجه البشري؛ فبدت للبطل - ولنا - وكأنها شخص له كيان يتطلع إليه بصمت من بعيد..


ومع مرور الوقت -ومع التأكد من عدم وجود بشر على الجزيرة مع اليأس من وصول نجدة إليها- اتخذ البطل تلك الكرة (ذات الوجه البشري) صديقا يشاوره في أموره.. ويبثه همومه.. وفي لحظات الصفاء يريه صورة حبيبته ويحدثه عنها وعن أحلامهما سويا..! ولمزيد من التصديق (ليصدق هو نفسه بدلا من أن يجن) أطلق على (صديقه) اسم (ولسون)..!
    وتتوالى الأحداث.. وعند محاولة البطل مغادرة الجزيرة إذا بـ(ولسون) يسقط في الماء وتجرفه الأمواج الهائجة بعيدا عن الطَوْف الذي يركبه البطل.. وهنا نتأكد من مدى قوة (العلاقة) التي نشأت بينهما - بل مدى تصديق البطل لهذه العلاقة - عندما قفز في الماء متحديا الأمواج العاتية ومغامرا بحياته نفسها.. فقط لينقذ (ولسون)..!!


    القصة تمثل تجربة ثرية ذات أبعاد إنسانية لأقصى درجة..
    يومها -رغم تأثري- ابتسمت بشبه تهكم من تلك العلاقة الغريبة..! 
    ومرت الأيام...


    وأتى عَلَيَّ حين من الدهر عشتُ فيه - وما زلت - وحيدا بعيدا عن أسرتي ووطني.. ورغم وجودي في بلد عربي مسلم وإحاطتي بعدد كبير من الزملاء والرفاق.. إلا أنني في الغربة كثيرُ المعارف شحيحُ الصداقات.. أفتقر فيها لأقرب ثلاثة إلى قلبي.. لذا تجدني - حين يواجهني موقف عصيب أو تجربة قاسية - أعتزل المحيطين بي لأنطلق -لا ألوي على شيء - بسيارتي الجيب .. تلك العزيزة المريحة التي تتحمل قيادتي الصعبة وقسوتي عليها أحيانا.. كما أقضي بداخلها ساعات من التأمل أو الحزن أو الشوق أو الفرح.. وكما اتسعت لأغراضي مهما ثقلت فإنها صارت أيضا تتسع لآمالي وأحزاني وأشواقي.. وكم شَهِدَت تنهداتي وآهاتي ودموعي و-أيضا- ابتساماتي..!
    وفي أحد الأيام أضاءت هذه الومضة - أو لحظة التنوير - الجديدة.. فقد فوجئتُ بنفسي وقد استغرقتُ في حديث طويل مع سيارتي.. أشاورها في أموري.. وأبثها همومي.. وأسترجع معها لحظات سعادتي مع زوجتي وبنتَيَّ وآلام الشوق إليهن...!!
    هنا قفزت أمامي أحداث الفيلم كلها..وبعد لحظات من الصمت المشدوه.. انفجرت في ضحكات عالية تفوح منها رائحة الجنون.. ثم ربتُّ على (تابلوه) سيارتي الحبيبة، وقلت لها وأنا أنطلق بها: هيا بنا يا صديقتي.... (ولسون)!!!
_________________
تذييل لا بد منه:
هذا الموقف كان منذ أكثر من عام.. لكن ظروفي النفسية الآن صارت - بفضل من الله ونعمة - أفضل بعشرات المرات.. ولهذا أرى أن من أجمل فوائد المدونة التأريخ .. لا أقول للأحداث.. بل لمشاعرنا.. لنرى من حين لآخر كم نتغير.. وكم تغيرنا الأيام.. وكم هي نعم الله علينا بهذا التغيير...!

الاثنين، يناير 09، 2012

22 فلنسخر من مرضى القلب والكبد..!!



هل صدمك العنوان؟
لقد صدمني أنا أيضا..!
نعم.. ففي لحظة تنوير فوجئت أنني وأنت - ومعنا المجتمع في غالبه- نسخر ممن هم على شاكلتهم!!
ممن يشتركون معهم في أنهم... مرضى!
إنهم المجانين.. أولئك الذين نقول عنهم: أنهم.. في نعيم (!!!)


فهل حقا هم في نعيم؟
هل الذي حُرم أعظم نعمة منَّ الله عليه بها يُعَّدُّ في نعيم! بل هو الجحيم..
أليس جحيما أن تعيش وحيدا بين الناس؟!
أليس جحيما أن تتألم ليل نهار وأنت ترى عوالم وأشخاص وأحداث.. يؤكد لك عقلك أنها حقائق على حين يقسم المحيطون بك أنك لا ترى إلا سرابا وهذيانا؟! فإن لم يسخروا منك فلا تحَصِّلَ منهم - على أقصى تقدير - سوى نظرات الشفقة!
هل جربت أن ترى أحد أحبائك المقربين الذي كان مِلْءَ السمع والبصر في رجاحة العقل وقد فقد ذلك العقل وجلس أمامك ذاهلا زائغ النظرات حائرها؛ لأنك لا تصدق ما يرى ولا تسمع ما يسمع ولا تشعر بما به يشعر؟!


ما الفرق إذن بين مريض القلب والكبد ومريض الجنون؟!
أعتقد أن الفرق بيِّن؛ فمريض القلب أو الكبد يحظى بالرعاية والمساعدة ممن حوله.. بينما يحظى مريض الجنون بالرعاية من أهله وذويه ويحظى فوقها بالسخرية من المجتمع في ظاهرة قميئة يتولى كِبْرَها إعلامنا غير المبالي وغير المسئول حينما يصر - عبر عشرات الأفلام والمسلسلات والمسرحيات - على تقديم عالم المجانين في ذلك القالب الهازئ الساخر..!


فإذا كنا نُصِرُّ على مجاراته في هذه السخرية، فلنسخر إذن من مرضى القلب والكبد!!